{لا أقسم بهذا البلد}{لا} للاستفتاح ،أي: استفتاح الكلام وتوكيده ،وليست نافية ،لأن المراد إثبات القسم ،يعني أنا أقسم بهذا البلد لكن ( لا ) هذه تأتي هنا للتنبيه والتأكيد و{أقسم} القسم تأكيد الشيء بذكر معظم على وجه مخصوص .فكل شيء محلوف به لابد أن يكون معظماً لدى الحالف ،وقد لا يكون معظمًا في حد ذاته .فمثلاً الذين يحلفون باللات والعزى هي معظمة عندهم ،لكن هي في الواقع ليست عظيمة ولا معظمة .فالحلف ،أو القسم ،أو اليمين المعنى واحد ،هي تأكيد الشيء بذكر معظم عند الحالف على صفة مخصوصة .وحروف القسم هي: الباء ،والواو ،والتاء ،والذي في الاية الكريمة هنا{لا أقسم بهذا البلد} ( الباء ) .{بهذا البلد} البلد هنا مكة ،وأقسم الله بها لشرفها وعظمها ،فهي أعظم بقاع الأرض حرمة وأحب بقاع الأرض إلى الله عز وجل ،ولهذا بعث منها رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي هو سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه ،فجدير بهذا البلد الأمين أن يقسم به .ولكن نحن لا نقسم به ،لأنه مخلوق ،وليس لنا الحق أن نقسم بمخلوق .كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك » ،أما الله عز وجل فإنه سبحانه يقسم بما شاء ،ولهذا أقسم هنا بمكة{لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد}