بسم الله الرحمان الرحيم
{القارعة( 1 ) ما القارعة1( 2 ) وما أدراك ما القارعة( 3 ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث2( 4 ) وتكون الجبال كالعهن3 المنفوش( 5 ) فأما من ثقلت موازينه( 6 ) فهو في عيشة راضية( 7 ) وأما من خفت موازينه( 8 ) فأمه4 هاوية5( 9 ) وما أدراك ماهيه( 10 ) نار حامية} [ 1-11] .
أسلوب الآيتين الأوليين استرعائي إلى يوم القيامة ،للإنذار بهوله وشدته ،وهو من أساليب النظم المتكرر في متون السور وفي مطالعها ،وتعبير{وما أدراك ما القارعة} بسبيل تعظيم أمرها وهولها .والآيتان التاليتان لهما احتوتا وصفا لما يكون عليه الناس والجبال في هذا اليوم بسبيل توكيد هوله وشدته أيضا .والآيات الأربع الأخيرة احتوت تصنيف الناس حسب أعمالهم حيث يكونون فريقين: فريقا موازينه ثقيلة ،فمصيره الطمأنينة ،والعيش الرضي ،وآخر خفيفة ،فمصيره أعماق النار الحامية .
وتشبيه الناس بالفراش المبثوث والجبال بالعهن المنفوش مستمد من مألوفات الناس ومدركاتهم ،فالفراش دائم الاضطراب والتحويم والانتشار ،وسيكون الناس كذلك يوم القيامة من شدة القلق والرعب ،والجبال معروفة بصلابتها وصخورها ورسوخها في الأرض ،وارتفاعها في السماء .فأريد إفهام السامعين أن أشد ما يعرفونه صلابة ورسوخا يتفكك وينحل ويصبح كالعهن المنفوش رخاوة ولينا وخفة من شدة الهول ،وقد تنوع وصف حالة الجبال في يوم القيامة ،ومر من ذلك مثال في سورة المزمل .وهذا التنوع قد يدل على ما قلناه من أن القصد بهذا الوصف وأمثاله توكيد هول يوم القيامة وشدته .