وَتَعَلَّقَ عُلَمَاؤُنَا بِقَوْلِهِ:{ إلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ، وَقَالُوا:إنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ، مَا عَدَا إقَامَةِ الْحَدِّ ، فَإِنَّهُ سَقَطَ بِالْإِجْمَاعِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:إنَّهُ يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ . وَالصَّحِيحُ رُجُوعُهُ إلَى الْجَمِيعِ لُغَةً وَشَرِيعَةً ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى:{ إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ من خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا من الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلَّا الَّذِينَ تَابُوا من قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . وَهَذِهِ الْآيَةُأُخْتُهَا وَنَظِيرَتُهَا فِي الْمَقْصُودِ .
وَأَمَّا قَبُولُ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحَدِّ ؛ فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَحَالُهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْكَذِبِ السَّالِبِ لِلْعَدَالَةِ ، وَبَيْنَ الصِّدْقِ الْمُصَحِّحِ لَهَا ، فَلَا يَسْقُطُ يَقِينٌ لَهُ بِمُحْتَمَلِ مَقَالِهِ ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ ضَعْفُ مَقَالَةِ شُرَيْحٍ .
وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لَهُ .