بدئت سورة البقرة بهذه الحروف الثلاثة ،وهي تُقرأ حروفاً مفرّقة ،لا لفظة واحدة ،وفي القرآن عدة سور بدئت بحروف على هذا النحو ،منها: البقرة ،وآل عمران مدنيّتان ،والباقي سور مكيّة .
وقد جاءت بدايات هذه السوَر على أنواع: منها ما هو حرف واحد ،مثل: «ص .والقرآنِ ذي الذِكر » ،«ق .والقرآن المجيد » ،«ن .والقلمِ وما يسطُرون » ،ومنها ما هو حرفان ،مثل: «طه ما أنزلنا عليكَ القرآن لتشقى » ،«يس والقرآنِ الحكيم » ،«حم تنزيلُ الكتاب من اللهِ العزيزِ الحكيم » ،ومنها ما هو ثلاثة أحرف أو أكثر ،مثل: «ألم » ،«المص » ،«كهيعص » ،و «حم عسق » الخ .
وهذه الحروف أربعة عشر حرفاً ،جمعها بعضهم في عبارة «نصٌّ حكيم قاطع له سر » .
والعلماء في تفسير معنى هذه الحروف فريقان:
فريق يرى أنها مما استأثر الله بعلمه .ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم المراد منها ،فالله أعلم بمراده .
وفريق يقول: لا يجوز أن يرد في كتاب الله ما ليس مفهوماً للخلْق .وهؤلاء اختلفوا في تفسير هذه الحروف اختلافاً كثيرا .فبعضهم يقول إنها أسماء للسور التي بدئت بها ،وبعضهم يعتبرها رموزاً لبعض أسماء الله تعالى أو صفاته ،فالألف مثلاً إشارة إلى أنه تعالى «أحد ،أول ،آخر ،أبدي ،أزلي » ،واللام مثلا إشارة إلى أنه «لطيف » ،والميم إلى أنه «ملك ،مجيد ،منان » الخ ..
أما الرأي الأشهر الذي اختاره المحققون فهو أنها حروف أنزلت للتنبيه على أن القرآن ليس إلا من هذه الحروف ،وفي متناول المخاطَبين به من العرب ،فهو يتحداهم أن يصوغوا من تلك الحروف مثله ،وهم أمراء الكلام ،واللغةُ لغتهم هم .
من هذه الحروف يصوغ البشر كلاما وشعرا ،ومنها يجعل الله قرآنا معجزاً ،فما أعظم الفرق بين صنع البشر وصنع الله !