{ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر} من العبر في هذه الآية أن هؤلاء الذين قلب الله فطرتهم وطبيعتهم قلب الله عليهم البنيان برميهم بحجارة من سجيل ،فتهدم البنيان حتى صار أعلاه أسفله ،وقيل: إن الله تعالى قلب بهم ديارهم اقتلعها من أساسها حتى رفعها ثم قلبها ،فإن صح هذا فالله على كل شيء قدير ،وإن لم يصح فليس لنا إلا أن نأخذ بظاهر القرآن ،أنهم أمطروا بحجارة من سجيل ،فتهدم البناء عليهم،وأخذ أهل العلم من ذلك أن اللوطي يقتل بكل حال ،الفاعل والمفعول به ،وهذا هو القول الراجح أن اللواط يجب فيه القتل على كل حال وليس كالزنا ،فالزنا يفرق فيه بين المتزوج وغير المتزوج ،أما اللواط فيقتل فيه على كل حال مادام الفاعل والمفعول به بالغين عاقلين ،فإنه يجب قتلهما بكل حال إلا المكره ،فليس عليه شيء ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على قتل الفاعل والمفعول به ،إلا أنهم اختلفوا كيف يقتلان ،فقال بعضهم: يقتلان بالرجم بالحجارة حتى يموتا ،وقال بعضهم: يقتلان بأن يلقيا من أعلى مكان في البلد ويتبعان بالحجارة ،وحرق أبو بكر - رضي الله عنه - اللوطي بالنار ،وكذلك خالد بن الوليد وأحد خلفاء بني أمية حرقوهم بالنار لعظم جرمهم - والعياذ بالله - ،ولأن هذه الفاحشة إذا انتشرت في قوم صار الرجال نساء ،وصار الواحد منهم يتتبع فحول الرجال حتى يفعلوا به الفاحشة - والعياذ بالله - وانقلبت الأوضاع وضاع النسل بمعنى أن الناس ينصرفون إلى الذكور ،ويدعون النساء اللاتي هن حرث للرجال ،والتحرز منه صعب ،لأنه لا يمكن أن نجد اثنين ونقول: كيف صحبت هذا ؟لكن لو وجدنا رجلاً وامرأة يمكن التحرز منهما ،فلذلك كان دواء المجتمع من هذه الفعلة القبيحة الشنيعة أن يقتل الفاعل والمفعول به ،وقد جاء في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به »ولهذا يجب علينا أن نحترز من هذا غاية الاحتراز ،وأن نتفقد أبناءنا أين ذهبوا ومن أين جاءوا ،ومَن أصدقاءهم ،وهل هم على الاستقامة أو لا ؛حتى نحمي المجتمع من هذا العمل الخبيث ،ثم قال - عز وجل -:{ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر} يسر الله - عز وجل - القرآن للذكر لحفظه ولفهم معناه ،وهذا الخبر يراد به الحث على حفظ القرآن وعلى تدبر معناه ؛لأنه ميسر سهل ،وأنت جرب تدبَّر في آيات الله - عز وجل - لتفهم معناها ،وانظر كيف ييسر الله - عز وجل - لك فهمها حتى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من الناس ،ولهذا قال{فهل من مدكر} ؟والاستفهام هنا للتشويق ،والمعنى هل أحد يدكر ويتعظ بما في القرآن الكريم .