وكعادة القرآن في المقارنة بين عاقبة الأشرار والأخيار، جاء بعد ذلك الحديث عن المتقين وحسن عاقبتهم فقال- تعالى-:وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ.
وقوله:وَأُزْلِفَتِ من الإزلاف بمعنى القرب، يقال:أزلفه إذا قربه، ومنه الزلفة والزلفى بمعنى القربة والمنزلة.. وهو معطوف على قوله- سبحانه- وَنُفِخَ فِي الصُّورِ.
وقوله:غَيْرَ بَعِيدٍ صفة لموصوف مذكر محذوف، ولذا قال غير بعيد ولم يقل غير بعيدة. أى:وأدنيت وقربت الجنة للمتقين في مكان غير بعيد منهم، فصاروا يرونها ويشاهدون ما فيها من خيرات لا يحيط بها الوصف.
وفائدة قوله:غَيْرَ بَعِيدٍ بعد قوله وَأُزْلِفَتِ للتأكيد والتقرير، كقولك:فلان قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل..
قال الجمل ما ملخصه:فإن قيل:ما وجه التقريب مع أن الجنة مكان، والأمكنة يقرب منها وهي لا تقرب؟.
فالجواب:أن الجنة لا تنقل.. لكن الله- تعالى- يطوى المسافة التي بين المؤمن والجنة- حتى لكأنها حاضرة أمامه- وذلك من باب التكريم والتشريف للمؤمن .