الْآيَةُ الْأُولَى:قَوْله تَعَالَى:{ وَالْفَجْرِ}:
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
المسألة الْأُولَى:الْفَجْرُ:هُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ النَّهَارِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ قِسْمَيْ الزَّمَانِ ؛ وَهُوَ كَمَا قَدَّمْنَا فَجْرَانِ:
أَحَدُهُمَا الْبَيَاضُ الَّذِي يَبْدُو أَوَّلًا ثُمَّ يَخْفَى ؛ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبِ ذَنبَ السِّرْحَانِ لِطُرْآنِهِ ثُمَّ إقْلَاعِهِ .
وَالثَّانِي:هُوَ الْبَادِي مُتَمَادِيًا ؛ وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ الْمُسْتَطِيلَ ؛ لِأَنَّهُ يَبْدُو كَالْحَبْلِ الْمُعَلَّقِ من الْأُفُقِ أَوْ الرُّمْحِ الْقَائِمِ فِيهِ ؛ وَيُسَمَّى الثَّانِي الْمُسْتَطِيرَ ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ عَرْضًا فِي الْأُفُقِ ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ الْكَاذِبَ ؛ وَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ . وَيُسَمَّى الثَّانِي الصَّادِقَ لِثُبُوتِهِ ؛ وَبِهِ تَتَعَلَّقُ الْأَحْكَامُ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:«لَا يَمْنَعُكُمْ من السُّحُورِ أَذَانُ بِلَالٍ ، وَلَا الصُّبْحُ الْمُسْتَطِيلُ ، وَلَكِنْ الْمُسْتَطِيرُ بِالْأُفُقِ » .
المسألة الثَّانِيَةُ:فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ من أَحْكَامٍ ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَلِأَجْلِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَأَشْهَبَ عَنْهُ:الْفَجْرُ أَمْرُهُ بَيِّنٌ ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ .