{سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} في ما يوحي به التسبيح من إعلان المخلوقات الكونية المتنوعة في طبائعها وخصوصياتها وأشكالها ،عن تفاعلها بعظمة الله ،وبما أودع في تكوينها من عناصر التعبير الذي قد ينطلق بالصوت ،وبالإشارة ،وبالإيمان ،وبالإيحاء ،وبغير ذلك مما لا يدركه الإنسان الذي يتحرك في المعرفة بشكل محدود في نطاق تجربته الخاصة التي لا تمتدّ إلى أبعد مما تدركه الحواس ،ويستنتجه العقل ،وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم في قوله تعالى:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ..} [ الإسراء: 44] .
ولعلّ هذا التأكيد الدائم على التسبيح الكوني لكل مخلوقات الله في السماء والأرض ،يمثل الأسلوب التربوي للعقيدة الإسلامية بالله ،في ما يريد للإنسان أن يتمثله في حياته الخاصة ،وفي وعيه لحركة الوجود كله ،وعظمة الله في ما حوله ،وفيمن حوله ،فيجد الله في كل شيءٍ .
{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فهو المنيع الذي لا يمكن أن يخترق ساحته أحدٌ في أيّ موقعٍ من مواقع الصراع والغلبة ،وهو الذي يتحرك فعله في إتقان كل شيءٍ في خلقه وفي تدبيره ،الأمر الذي يجعل الإنسان يحسّ بالطمأنينة والثقة بأنهفي حركة الكون من حولهتحت رعاية إلهٍ قويٍّ قادرٍ لا يغلب ،حكيم لا يخطىء في تقديره وفي تدبيره .