{تَبَارَكَ} قيل: إن معنى تبارك الشيء هو كثرة صدور الخيرات والبركات منه ،وربما كانت الكلمة متضمنةً لأكثر من معنى إيحائي يلتقي بالتعظيم لذاته تعالى ،من خلال امتداد الخير منه لكل الموجودات ،كما أنها تلتقي بالفقرة التالية .
{الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} باعتبار أن هذه الكثرة المطلقة في الخيرات الصادرة منه ،لا بد أن تكون ممن بيده الملك ،لأنه هو الذي يبدعه ويخلقه وينمّيه ويحركه ،ما يجعل الأمر غير محدود بحدٍّ معيّنٍ ،لأنه لا مجال لنفاده .وهكذا توحي هذه الفقرة بالمعنى الكنائي في السيطرة المطلقة على كل ملك ،لأن ذلك هو معنى كونه بيده ،ليتصرف فيه كما يتصرف ذو اليد بما تحت يده ،فيحركه كيف يشاء ،فهو المالك لكل ملك ،والمالك لكل مالك ،لأنه هو الذي يعطي الخلق ما يملكونه ،كما أعطاهم نعمة الوجود ذاته .
{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا حدّ لقدرته ،وكل شيء خاضع له ،فلا مجال للتوقف عند أيّة فرضيةٍ وجوديةٍ ،في ما يفعل في المستقبل ،في عالم الغيب الذي لا يحيط به الإنسان ليستبعد وجودها ،بعد أن كانت داخلةً في دائرة القدرة الإلهية المطلقة .