بسم الله الرحمن الرحيم
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ( 1 ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ( 2 ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ( 3 ) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ( 4 ) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ( 5 ) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ( 6 ) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ( 7 ) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ( 8 ) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ( 9 ) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ( 10 ) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 11 )}
التفسير:
1 ،2 - قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ .
الفلاح: الظفر بالمراد ،والإفلاح .الدخول في الفلاح ،كالإبشار الدخول في البشارة .
خاشعون: خاضعون متذللون .
هذه سورة ( المؤمنون ) ،وقد بدأت السورة بذكر صفات المؤمنين ؛وهي:
1 .الخشوع في الصلاة .
2 .البعد عن اللغو .
3 .إيتاء الزكاة .
4 .البعد عن الزنا واللواط والانحراف .
5 .أداء الأمانة .
6 .الوفاء بالعهد .
7 .المحافظة على الصلاة .
وجزاؤهم هو الفردوس الأعلى في الجنة ،وهي منزل سامية تستحق كل تضحية ،فلنتأمل الصفات التي استحقوا بها هذه المنزلة .
الخشوع في الصلاة:
خشوع الصلاة روحها وحقيقتها ،ويقصد به حضور القلب ،والتأمل في تلاوة القرآن ،وفي أداء الأركان ،واليقظة والتفهم لما يؤديه المسلم ،وهو واقف أمام الله تعالى .
جاء في تفسير ابن كثير:
والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها ،واشتغل بها عما عداها ،وآثرها على غيرها ؛وحينئذ تكون راحة له ،وقرة عين .
روى الإمام أحمد ،والترمذي ،والنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ) ثم قرأ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ .حتى ختم العشرii .
وقال النسائي في تفسيره ،عن يزيد بن بابنوس قال: قلنا لعائشة أم المؤمنين: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟قالت: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛فقرأت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ .– حتى انتهت إلى وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ .قالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمiii .
إن الفلاح والنجاح والسعادة الحقة في التزام المؤمن بأمر الله ،وتركيز ذهنه في الصلاة ،ومراقبة مولاه ؛وهو قائم بين يديه ؛فيتذكر عظمة الله وفضله ،ونعمه عند قراءة الفاتحة ،ويؤدي الركوع في خضوع ،وكذلك يشكر الله ويحمده عند الرفع من الركوع ،ويقيم صلبه في الصلاة حتى يعود كل فقار إلى موضعه ،ثم يسجد على سبعة أعظم ،وهي: الجبهة ،واليدين ،والركبتين ،والرجلين ،ويكون سعيدا بمناجاة الله ومناداته وعبادته ،وإذا سها أو انشغل في الصلاة ،عاد واسترد الخشوع والاستقرار ؛ومما يساعد على الخشوع ،نظر المصلي إلى موضع سجوده قائما ،وإلى قدميه راكعا ،وإلى حجره جالسا ،وإلى أرنبة أنفه ساجدا ،ويحاول استحضار عظمة الله ومناجاته .
أخرج الإمام أحمد ،والنسائي ،عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( حبب إلي الطيب ،والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة )iv .
وقال أبو الدرداء: الخشوع هو: إخلاص المقال ،وإعظام المقام ،واليقين التام ،وجمع الاهتمام .
/خ11