/م1
المفردات:
وصدوا عن سبيل الله: منعوا الناس عن الدخول في الإسلام ،وذلك يستلزم أنهم منعوا أنفسهم من الدخول فيه ،وأعرضوا عنه .
أضل أعمالهم: أبطلها .
التفسير:
1-{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} .
هذه بداية السورة ،تلقي في وجه الكافرين عقوبة كفرهم وضلالهم ،فهؤلاء أهل مكة كفروا ومنعوا الناس من الإيمان ،وخرجوا في غزوة بدر الكبرى بطرا وتظاهرا بالباطل ،وليتسامع بهم الناس ،فكان الجزاء أن هزمهم الله هزيمة منكرة ،فقتل منهم سبعون ،وأسر منهم سبعون ،وفر الباقون ،فجعل كيدهم ضائعا ،وعملهم ضالا ،ومكرهم في تباب .
وتفيد روايات أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في كفار مكة ،الذين أرادوا هزيمة المسلمين في بدر ،فهزمهم الله .
أخرج ابن أبي حاتم ،عن ابن عباس في قوله تعالى:{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} .
قال: هم أهل مكة ،نزلت فيهم .
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات ...} قال: هم الأنصار .
وقال ابن عباس في رواية أخرى: نزلت في المطعمين ببدر ،وهم اثنا عشر رجلا: أبو جهل ،والحارث ابن هشام ،وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ،وأبي وأمية ابنا خلف ،ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ،وأبو البحتري بن هشام ،وزمعة بن الأسود ،وحكيم بن حزام ،والحارث بن عامر بن نوفل .
ومعنى:{أضل أعمالهم} .
جعلها ضالة على غير هدى وتوفيق ،وذكر بعض المفسرين أن المعنى: أبطل الله ثواب الأعمال الحسنة ،التي يسمونها مكارم الأخلاق ،كصلة الرحم ،وإكرام الضيف ،وإجارة المستجير ،فقد أبطل أعمالهم فساد عقيدتهم .
قال تعالى:{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} .( الفرقان: 23 ) .
أي أن الله يجازيهم على أعمالهم الحسنة في الدنيا ،لأنهم لا نصيب لهم في الجنة بسبب كفرهم .
وهناك من المفسرين من يرى أن الله لا يظلم مثقال ذرة ،وأنه لن يضيع مكافأة أي عامل على عمل عمله ،حتى ولو كان كافرا أو كتابيا ،واستشهدوا بقوله تعالى:{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} .( الزلزلة: 7 ،8 ) .
وبقوله تعالى:{إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} .( البقرة: 62 ) .
والأولى بنا أن نقول: إن ذلك في مشيئة الله تعالى ،وعلمه وحكمته وفضله ،فنفوض علم ذلك إليه سبحانه وتعالى .