/م1
المفردات:
الفتح: الفتح في أصل اللغة: إزالة الأغلاق ،والفتح في باب الجهاد هو الظفر بالبلد عنوة أو صلحا ،بحرب أو بغير ذلك ،لأن البلد قبل ذلك منغلق ما لم نظفر به ،فإذا ظفرنا به وأصبح في أيدينا فقد فتح .والمراد بالفتح هنا في رأي الجمهور: صلح الحديبية ،وقال جماعة: المراد فتح مكة ،وقد بشر الله تعالى به رسوله الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين قبل حصوله .
مبينا: ظاهر الأمر ،مكشوف الحال .
التفسير:
1-{إنا فتحنا لك فتحا مبينا} .
يسرنا لك صلح الحديبية ،وفيه اعتراف بالمسلمين كقوة محترمة يتعاهد معها ،وفي صلح الحديبية أوقفت الحرب بين المسلمين وأهل مكة ،فتحرك الناس في جزيرة العرب آمنين ،ودخل في الإسلام خلق كثير ،ويسر صلح الحديبية عمرة القضاء ،وفيها اختلط المسلمون بأهل مكة عن قرب ،وشاهدوهم وناقشوهم ،وكان ذلك سببا من أسباب تيسير فتح مكة .
وجمهور المفسرين على أن المراد بالآية صلح الحديبية ،وكان اعتراض البعض أن المسلمين في صلح الحديبية قد منعوا من أداء العمرة ،ومُنع الهَدْي من الوصول إلى الكعبة وذبح عند الحديبية ،وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية صلح الحديبية ،حين طلب أهل مكة الصلح ورغبوا فيه ،وأحسوا بقوة المسلمين بسبب بيعة الرضوان التي تمت تحت الشجرة ،وبايع المسلمون فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وعلى ألا يفروا ،ثم عاد المسلمون وافرين سالمين إلى المدينة ،ليتيسر لهم فتح خيبر وإزالة حصون اليهود القوية ،ثم يتيسر لهم فتح مكة بعد عامين ،وهم في جيش يزيد على عشرة آلاف مقاتل ،لقد كان صلح الحديبية من أكبر وأهم نقاط الارتكاز للأمة الإسلامية الناشئة ،فما أعظم أن تطلب مكة الصلح ،على أن يعود المسلمون إلى المدينة هذا العام ،ثم يقدموا إلى مكة في العام القادم -ومعهم السيوف في قرابها- ليؤدوا عمرة القضاء ،وكأن هذا الأمر ترتيب الله ،والإعداد للفتح الأكبر .
وبعض المفسرين يرى أن السورة نزلت عند انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديبية لتبشره بفتح مكة ،أو بفتح خيبر ،ولتعظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وتبين أنه يستحق نعم الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة .
والرأي الأول عليه جمهور المفسرين ،وهو أرجح عند التأمل .