وقوله: ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) المراد بذلك أمة محمد ( ص ) ،فقد آمنوا بالله خالقا عظيما مبدعا ،إلها ليس كمثله شيء وليس له من خلقه نديد أو شريك .وأمنوا كذلك بالنبيين والمرسلين جميعا دون استثناء ،يستوي في ذلك كليم الله موسى ،وهو من الرسل الأعاظم في بني إسرائيل ،ثم المسيح بن مريم كلمة الله ألقاها إلى العذراء البتول وحجة الله على الناس في هذه الدنيا ويوم الدين .لقد آمن المسلمون إيمانهم ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله فلم يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض مثلما فعل أصحاب الديانات السالفة ،ولكنهم آمنوا بهم جميعا بغير تفريق .
هذه هي أمة الإسلام ،أمة النبي الخاتم محمد ( ص ) ،وهي خير الأمم بحق وجدارة لما يتجلى فيها من خصائص كبرى لم تتيسر لغيرها من الأمم من الغابرين .وهي خصائص تتبدى في اكتمال دينها بما يتسم من اتساع ومرونة وشمول يتناول أطراف الحياة كلها ،ويغطي حاجات الإنسان جميعها سواء في ذلك حاجات النفس أو البدن أو العقل أو الروح .
هذه هي أمة الإسلام التي تقوم على العقيدة المتينة المستنيرة ،وعلى الفكر العميق السليم والتصور السوي المستقيم بعيدا عن الهوى والتعصب الذميم فلا جرم أن تكون رائدة الأمم لتقود قوافل البشر عبر الأدهار والسنين إلى السعادة والسلامة والرخاء .ولا جرم أن يثيب الله هذه الأمة خير الثواب ،وأن يغفر لها الذنوب والخطايا برحمة منه وفضل{[850]} .