قوله:{وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه} إذا امتحن الله هذا الإنسان الفاسق الضال فضيّق علي رزقه ولم يعطه من الرزق أكثر مما فيه بلغة{فيقول ربي أهانن} ينقلب متبرّما ساخطا من قدر الله وقد أعماه الجهل والحماقة وغرق في لجاجة اليأس والعمه قائلا{ربي أهانن} أي أذاقني الهوان وأذلني بالفقر فلم يحتمل ولم يصطبر .وكان أحرى به أن يذعن لله بالشكر على ما وهبه من نعم العقل والقلب والإرادة والبصر وسائر الجوارح .
ذلك هو ديدن الفاسقين والكافرين من الناس .ويشبههم في هذه الذميمة كثير من ضعفة المسلمين الذين هان الإيمان في قلوبهم وفترت فيهم العزائم والهمم ،فهم يظنون أن ما أعطوه من خير ونعمة إنما هو بما لهم من كرامة وفضيلة عند الله والصواب أن الكرامة عند الله بطاعته وتوفيقه والاستمساك بدينه والفوز بجنته ورضاه .أما الدنيا فإن الله يعطيها من عباده من يحبه ومن لا يحبه ،لكنه لا يعطي الدين والهداية والتقوى إلا من أحبه .