{وكتاب مسطور في رق منشور} الكتاب المسطور في الرق ،اختلف فيه العلماء ،وهذا الخلاف ينبني على كلمة ( رق ) هل الرق كل ما يكتب فيه من جلد وورق وعظم وحجر وغير ذلك ؟أو هو خاص بما يكتب فيه من جلود ونحوها ؟إن قلنا بالأول صار المراد بالكتاب عدة أشياء ،منها اللوح المحفوظ ،ومنها الكتب التي بأيدي الملائكة ،ومنها القرآن الكريم ،ومنها التوراة ،فيشمل عدة كتب ،وإذا قلنا إن الرق هو الورق وشبهه مما يكتب فيه عادة ،فاللوح المحفوظ لا يدخل في هذا ،وإنما المراد به إما التوراة ،وإما القرآن ،فالذين قالوا: إنه التوراة رجحوا قولهم بأنه قرن بالطور ،والطور هو الذي كلَّم منه موسى عليه الصلاة والسلام ،فكان الكتاب المسطور هو التوراة التي جاء بها موسى ،ومن قال: إن المراد به القرآن الكريم رجح ذلك بأن الله ذكر الطور الذي أوحي منه إلى موسى ،وذكر الكتاب الذي هو القرآن أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم ،فيكون الله تبارك وتعالى ذكر أشرف الرسالات في بني إسرائيل إيماء بذكر الطور ،وذكر أشرف الرسالات التي بعث بها من بني إسماعيل محمد صلى الله عليه وسلم ،وعلى هذا فيتعين أن يكون المراد بالكتاب المسطور القرآن الكريم{منشور} صفة لكتاب ،ويحتمل أن تكون صفة لرق ،والمعنى واحد ،والمراد بالمنشور يعني المفرق الذي يكون بأيدي كل قارىء ،وهذا يصدق تماماً على القرآن الكريم ،فإنه - ولله الحمد - بين يدي كل قارىء حتى الصغار من المسلمين يقرؤونه .