{فسبح باسم ربك العظيم} سبح بمعنى نزه ،والذي ينزه الله - عز وجل - عنه كل نقص وعيب ،أو مماثلة للمخلوق ،فهو منزه عن كل نقص لكمال صفاته وعن مماثلة المخلوق ،قال الله تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقال:{ولقد خلقنا السماوات والأَرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} أي: من تعب وإعياء ،وقوله:{باسم ربك} قيل: إن الباء زائدة ،وأن المعنى سبح اسم ربك ،كما قال الله تعالى:{سبح اسم ربك الأَعلى} وقيل: إنها ليست بزائدة ،وأن المعنى سبح الله باسمه فلابد من النطق بالتسبيح ،فتقول: سبحان الله ،أما لو نزهته بقلبك فهذا لا يكفي ،فعلى هذا تكون الباء للمصاحبة يعني سبح الله تسبيحاً مصحوباً باسمه{باسم ربك العظيم} الرب هو الخالق المالك المدبر ،والعظيم ذو العظمة والجلال - جل وعلا - .
هذه السورة لو لم ينزل في القرآن إلا هي ،لكانت كافية في الحث على فعل الخير وترك الشر ،فقد ذكر الله تعالى في أولها يوم القيامة{إذا وقعت الواقعة} ثم قسم الناس فيها إلى ثلاثة أقسام: السابقون ،وأصحاب اليمين ،وأصحاب الشمال ،ثم ذكر الله في آخرها حال الإنسان عند الموت ،وقسم كل الناس إلى ثلاثة أقسام: مقربون ،وأصحاب يمين ،ومكذبون ضالون ،وكذلك ذكر الله فيها ابتدأ الخلق في قوله:{أفرءيتم ما تمنون أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} والرزق من طعام وشراب وما يصلحهما فهي سورة متكاملة ،ولهذا ينبغي للإنسان أن يتدبرها إذا قرأها ،كما يتدبر سائر القرآن لكن هي اشتملت على معاني عظيمة والله الموفق .