{كرام بررة} كرام في أخلاقهم ..كرام في خلقتهم لأنهم على أحسن خلقة ،وعلى أحسن خُلق ،ولهذا وصف الله الملائكة بأنهم كرام كاتبين يعلمون ما تفعلون ،وأنهم عليهم الصلاة والسلام لا يستكبرون عن عبادة الله ولا يستحسرون .يسبحون الليل والنهار لا يفترون .وهذه الايات فيها تأديب من الله عز وجل للخلق ألا يكون همهم هًّما شخصيًّا بل يكون همهم هًّما معنويًّا وألا يفضلوا في الدعوة إلى الله شريفاً لشرفه ،ولا عظيماً لعظمته ،ولا قريباً لقربه ،بل يكون الناس عندهم سواء في الدعوة إلى الله الفقير والغني ،الكبير والصغير ،القريب والبعيد ،وفيها أيضاً تلطف الله عز وجل بمخاطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال في أولها:{عبس وتولى .أن جاءه الأعمى} ثلاث جمل لم يخاطب الله فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها عتاب فلو وجهت إلى الرسول بالخطاب لكان فيه ما فيه لكن جاءت بالغيبة{عبس} فجعل الحكم للغائب كراهية أن يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الكلمات الغليظة الشديدة ،ولأجل ألا يقع بمثل ذلك من يقع من هذه الأمة ،والله سبحانه وتعالى وصف كتابه العزيز بأنه بلسان عربي مبين ،وهذا من بيانه ،وفي الايات أيضاً دليل على جواز لقب الإنسان بوصفه مثل الأعمى والأعرج والأعمش ،وقد كان العلماء يفعلون هذا ،الأعرج عن أبي هريرة ،الأعمش عن ابن مسعود ...وهكذا ،قال أهل العلم واللقب بالعيب إذا كان المقصود به تعيين الشخص فلا بأس به ،وأما إذا كان المقصود به تعيير الشخص فإنه حرام ؛لأن الأولإذا كان المقصود به تبيين الشخصتدعو الحاجة إليه ،والثانيةإذا كان المقصود به التعييرفإنه لا يقصد به التبيين وإنما يقصد به الشماتة وقد جاء في الأثر «لا تظهر الشماتة في أخيك فيرحمه الله ويبتليك » .