{وإذا كالوهم أو وزنوهم} يعني إذا كالوا لهم أي هم الذين باعوا الطعام كيلاً ،فإنهم إذا كالوا للناس أو باعوا عليهم شيئاً وزناً إذا وزنوا نقصوا{يخسرون} فهؤلاء يستوفون حقهم كاملاً ،وينقصون حق غيرهم ،فجمعوا بين الأمرين ،بين الشح والبخل ،الشح: في طلب حقهم كاملاً بدون مراعاة أو مسامحة ،والبخل: بمنع ما يجب عليهم من إتمام الكيل والوزن ،وهذا المثال الذي ذكره الله عز وجل في الكيل والوزن هو مثال ،فيقاس عليه كل ما أشبه ،كل من طلب حقه كاملاً ممن هو عليه ومنع الحق الذي عليه فإنه داخل في الاية الكريمة ،فمثلاً الزوج يريد من زوجته أن تعطيه حقه كاملاً ولا يتهاون في شيء من حقه ،لكنه عند أداء حقها يتهاون ولا يعطيها الذي لها ،وما أكثر ما تشكي النساء من هذا الطراز من الأزواجوالعياذ باللهحيث إن كثيراً من النساء يريد منها الزوج أن تقوم بحقه كاملاً ،لكنه هو لا يعطيها حقها كاملاً ،ربما ينقص أكثر حقها من النفقة والعشرة بالمعروف وغير ذلك ،إن ظلم الناس أشد من ظلم الإنسان نفسه في حق الله ؛لأن ظلم الإنسان نفسه في حق الله تحت المشيئة إذا كان دون الشرك ،إن شاء الله غفر له ،وإن شاء عاقبه عليه ،لكن حق الادميين ليس داخلاً تحت المشيئة لابد أن يوفى ،ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من تعدون المفلس فيكم ؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم عنده ولا متاع ،فقال: «إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبالكثيرةفيأتي وقد ظلم هذا ،وشتم هذا ،وضرب هذا ،وأخذ مال هذا ،فيأخذ هذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ،ثم طرح في النار » ،فنصيحتي لهؤلاء الذين يفرطون في حق أزواجهم أن يتقوا الله عز وجل فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أوصى بذلك في أكبر مجمع شهده العالم الإسلامي في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة في حجة الوداع ،قال: «اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله » ،فأمرنا أن نتقي الله تعالى في النساء وقال: «اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم » أي بمنزلة الأسرى لأن الأسير إن شاء فكه الذي أسره وإن شاء أبقاه ،والمرأة عند زوجها كذلك إن شاء طلقها وإن شاء أبقاها ،فهي بمنزلة الأسير عنده فليتق الله فيها ،كذلك أيضاً نجد بعض الناس يريد من أولاده أن يقوموا بحقه على التمام لكنه مفرط في حقهم ،فيريد من أولاده أن يبروه ويقوموا بحقه ،أن يبروه في المال ،وفي البدن ،وفي كل شيء يكون به البر ،لكنه هو مضيع لهؤلاء الأولاد ،غير قائم بما يجب عليه نحوهم ،نقول هذا مطفف ،كما نقول في المسألة الأولى في مسألة الزوج مع زوجته إنه إذا أراد منها أن تقوم بحقه كاملاً وهو يبخس حقها نقول إنه «مطفف » هذا الأب الذي أراد من أولاده أن يبروه تمام البر وهو مقصر في حقهم نقول إنك «مطفف » ونقول له تذكر قول الله تعالى:{ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون .وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}