يقول عز وجل:{وإلى الأرض كيف سطحت} أي وانظروا كيف سطح الله هذه الأرض الواسعة ،وجعلها سطحاً واسعاً ليتمكن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغير هذا ،وما ظنكم لو كانت الأرض صبباً غير مسطحة يعني مثل الجبال يرقى لها ويصعد لكانت شاقة ،ولما استقر الناس عليها ،لكن الله عز وجل جعلها سطحاً ممهداً للخلق ،وقد استدل بعض العلماء بهذه الاية على أن الأرض ليست كروية بل سطح ممتد لكن هذا الاستدلال فيه نظر ،لأن هناك آيات تدل على أن الأرض كروية ،والواقع شاهد بذلك فيقول الله عز وجل:{يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} [ الزمر: 5] .والتكوير التدوير ،ومعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض ،فإذا كانا مكورين لزم أن تكون الأرض مكورة ،وقال الله تبارك وتعالى:{إذا السماء انشقت .وأذنت لربها وحقت .وإذا الأرض مدت .وألقت ما فيها وتخلت} [ الانشقاق: 14] .فقال:{وإذا الأرض مدت} وقد جاء في الحديث أنها يوم القيامة تمد مد الأديم أي مد الجلد حتى لا يكون فيها جبال ،ولا أودية ،ولا أشجار ،ولا بناء ،يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ،فقوله:{إذا السماء انشقت} والسماء لا تنشق إلا يوم القيامة وهي الان غير منشقة إذاً قوله:{إذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت} يعني يوم القيامة فهي إذاً الان غير ممدودة ،إذاً مكورة ،والواقع المحسوس المتيقن الان أنها كروية لا شك ،والدليل على هذا أنك لو سرت بخط مستقيم من هنا من المملكة متجهاً غرباً لأتيت من ناحية الشرق ،تدور على الأرض ثم تأتي إلى النقطة التي انطلقت منها ،وكذلك بالعكس لو سرت متجهاً نحو المشرق وجدتك راجعاً إلى النقطة التي قمت منها من نحو المغرب ،إذاً فهي الان أمر لا شك فيه أنها كروية .
فإذا قال الإنسان: إذا كانت كما ذكرت كروية فكيف تثبت المياه ،مياه البحار عليها وهي كروية ؟
نقول في الجواب عن ذلك: الذي أمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه يمسك البحار أن تفيض على الناس فتغرقهم ،والله على كل شيء قدير ،قال بعض أهل العلم:{وإذا البحار سجرت} أي حبست ومنعت من أن تفيض على الناس كالشيء الذي يُسجر ( يربط ) ،وعلى كل حال القدرة الإلهية لا يمكن لنا أن نعارض فيها .نقول قدرة الله عز وجل أمسكت هذه البحار أن تفيض على أهل الأرض فتغرقهم ،وإن كانت الأرض كروية .