{فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} أي إذا فرغت من أعمالك فانصب لعمل آخر ،يعني اتعب لعمل آخر ،لا تجعل الدنيا تضيع عليك ،ولهذا كانت حياة الإنسان العاقل حياة جد ،كلما فرغ من عمل شرع في عمل آخر ،وهكذا ؛لأن الزمن يفوت على الإنسان في حال يقظته ومنامه ،وشغله وفراغه ،يسير ولا يمكن لأحد أن يمسك الزمن ،لو اجتمع الخلق كلهم ليوقفوا الشمس حتى يطول النهار ما تمكنوا ،فالزمن لا يمكن لأحد أن يمسكه ،إذاً اجعل حياتك حياة جد ،إذا فرغت من عمل فانصب في عمل آخر ،إذا فرغت من عمل الدنيا عليك بعمل الآخرة ،فرغت من عمل الآخرة اشتغلت بأمر الدنيا ،فإذا قضيت الصلاة يوم الجمعة فانتشر في الأرض وابتغِ من فضل الله ،وصلاة الجمعة يكتنفها عملان دنيويان{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} يعني وأنتم مشتغلون في دنياكم{فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [ الجمعة: 9 ،10] فإذا فرغنا من شغل اشتغلنا في آخر ،وإذا فرغنا منه اشتغلنا في آخر ،وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان دائماً في جد .
فإذا قال قائل: لو أنني استعملت الجد في كل حياتي لتعبت ومللت .
قلنا: إن استراحتك لتنشيط نفسك وإعادة النشاط يعتبر شغلاً وعملاً ،يعني لا يلزم الشغل بالحركات ،ففراغك من أجل أن تنشط للعمل الآخر يعتبر عملاً ،المهم أن تجعل حياتك كلها جدًّا وعملاً .