{ ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا}
/م131
الوكيل هو من يتولى الأمر ويحفظه ويرعاه ، والمعنى:كفى أن يكون الله تعالى حافظا للإنسان يتولاه ، ويكلؤه ويقيه ، فإذا كان الله تعالى غنيا عن عباده فعباده فقراء إليه ، كما قال سبحانه:{. . .والله الغني وأنتم الفقراء . . .( 38 )}( محمد ) ، فعلى المؤمن أن يتق الله تعالى ، وأن يعلم أنه مالك أمره ، وهو الذي يتوكل عليه ، وأن الله سبحانه يحب المتوكلين لأنهم يحسون بقدرته وعظم سلطانه ، فكل متوكل عليه سبحانه يحس بعظم سلطان ربه ، وضآلة سلطانه وقدره وذلك إيمان صادق ، إذا قام بما يستطيع وما تمكنه قدرته المحدودة ، ويترك بعد ذلك الأمر لربه ، وهنا أمر يجب أن نشير إليه ، وهو تكرار قوله تعالى:
{ ولله ما في السماوات وما في الأرض} فقد ذكر ذلك القول السامي ثلاث مرات ، فلماذا كان ذلك التكرار ؟ إنه بلا شك بهذا التكرار يتأكد المعنى الذي يشتمل عليه القول ، ولكن هذا التوكيد للمعنى جاء في كل مرة مبينا معنى خاصا ، فالذكر الأول لتربية الإحساس بعدله ، وعظم سلطانه وسعة رحمته ، وأنه تسع رحمته كل الناس ، فينصف المظلوم ، ويبسط الرزق لذي الفاقة ، فلا يضيق أحد الزوجين بالفراق بل الله سبحانه يكلؤه ، ويسعه برحمته ، وذكر ذلك القول في المرة الثانية لبيان استغنائه عن خلقه ، وأن تقواهم لمصلحة أنفسهم ولخيرهم وليس له بها حاجة بل هو الغنى المحمود دائما . وذكر هذا الكلام في المرة الثالثة لبيان حاجة الناس إليه ، وأنهم فقراء إليه في مقابل غناه عنهم تعالى الله علوا كبيرا .
وبعد هذا بين سبحانه قدرته القاهرة ، وأنه هو الذي أنشأ الناس وطالبهم بالعبادة وأن من أنشأ يستطيع الإفناء ويستطيع التبديل والتغيير في خلقه فيستبدل بالناس ناسا ، وبالأقوام أقواما ولذلك قال سبحانه:{ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا} .