لما ذكر سبحانه وتعالى التعريض بخطبة المرأة الدال على أن المعرض في قلبه رغبة فيها ومحبة لها ، وأن ذلك يحمله على الكلام الذي يتوصل به إلى نكاحها ، ورفع الجناح عن التعريض ، وانطواء القلب على ما فيه من الميل والمحبة . ونفى مواعدتهن سرا .
فقيل:هو النكاح . والمعنى لا تصرحوا لهن بالتزويج ، إلا أن تعرضوا تعريضا . وهو القول المعروف .
وقيل:هو أن يتزوجها في عدتها سرا . فإذا انقضت العدة أظهر العقد ويدل على هذا قوله:{ ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} وهو انقضاء العدة . ومن رجح القول الأول قال:دلت الآية على إباحة التعريض بنفي الجناح ، وتحريم التصريح بنفي المواعدة سرا ، وتحريم عقد النكاح قبل انقضاء العدة . فلو كان معنى مواعدة السر:هو إسرار العقد . كان تكرارا .
ثم عقب ذلك بقوله:{ واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} أن تتعدوا ما حد لكم . فإنه مطلع على ما تسرون وما تعلنون .
ثم قال:{ واعلموا أن الله غفور حليم} لولا مغفرته وحلمه لعنتم غاية العنت ، فإنه سبحانه مطلع عليكم ، يعلم ما في قلوبكم ، ويعلم ما تعملون ، فإن وقعتم في شيء مما نهاكم عنه فبادروا إليه بالتوبة والاستغفار . فإنه الغفور الحليم .