وقال تعالى:{ وفرش مرفوعة} [ الواقعة:34] .
فوصف الفرش بكونها مبطنة بالإستبرق . وهذا يدل على أمرين:
أحدهما:أن ظهائرها أعلى وأحسن من بطائنها . لأن بطائنها للأرض ، وظهائرها للجمال والزينة والمباشرة .
قال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي هبيرة ابن يريم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله:{ بطائنها من إستبرق} قال:هذه البطائن قد أخبرتم بها . فكيف بالظهائر ؟
الثاني:يدل على أنها فرش عالية ، لها سمك وحشو بين البطانة والظهارة .
وقد روي في سمكها وارتفاعها آثار - إن كانت محفوظة – فالمرد:ارتفاع محلها ، كما رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{ وفرش مرفوعة} قال:«ارتفاعها كما بين السماء والأرض ، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام » قال الترمذي:حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد .
قيل:ومعناه:أن الارتفاع المذكور للدرجات والفرش عليها .
قلت:رشدين بن سعد عنده مناكير . قال الدارقطني:ليس بالقوي . وقال أحمد:لا يبالي عمن يروى . وليس به بأس في الرقاق . وقال:أرجو أنه صالح الحديث . وقال يحيى بن معين:ليس بشيء . وقال زرعة:ضعيف . وقال الجوزجاني:عنده مناكير . ولا ريب أنه كان سيء الحفظ . فلا يعتمد على ما ينفرد به .
وقد قال أبن وهب:حدثنا عمرو بن الحارث عن دَرَّاج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:{ وفرش مرفوعة} قال:«ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض » .
وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ . فالله أعلم .
وقال الطبراني:حدثنا المقدام بن داود حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن مُطَرِّف عن عبد الله بن الشِّخِّير عن كعب في قوله عز وجل:{ وفرش مرفوعة} قال:«مسيرة أربعين سنة » .
قال الطبراني:حدثنا إبراهيم بن نائلة حدثنا إسماعيل بن عمرو والبجلي حدثنا إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرش المرفوعة ؟ فقال:«لو طرح فراش من أعلاها إلى قرارها مائة خريف » .
وفي رفع هذا الحديث نظر . فقد قال أبن أبي الدنيا:حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا معاذ ابن هشام ، قال:وجدت في كتاب أبي ، القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه في قوله عز وجل:{ وفرش مرفوعة} قال:«لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا » .
فصل