وقوله- سبحانه-:إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... استثناء مما قبله، والمقصود بهذه الآية الكريمة تسلية المؤمنين الصادقين ... وتبشيرهم بأنهم ليسوا من هذا الفريق الخاسر.
وقوله- تعالى-:وَتَواصَوْا فعل ماض، من الوصية وهي تقديم النصح للغير مقرونا بالوعظ.
و «الحق»:هو الأمر الذي ثبتت صحته ثبوتا قاطعا ...
و «الصبر»:قوة في النفس تعينها على احتمال المكاره والمشاق ...
أى:أن جميع الناس في خسران ونقصان ... إلا الذين آمنوا بالله- تعالى- إيمانا حقا، وعملوا الأعمال الصالحات، من صلاة وزكاة وصيام وحج ... وغير ذلك من وجوه الخير، وأوصى بعضهم بعضا بالتمسك بالحق، الذي على رأسه الثبات على الإيمان وعلى العمل الصالح ... وأوصى بعضهم بعضا كذلك بالصبر على طاعة الله- تعالى-، وعلى البلايا والمصائب والآلام ... التي لا تخلو عنها الحياة.
فهؤلاء المؤمنون الصادقون، الذين أوصى بعضهم بعضا بهذه الفضائل ليسوا من بين الناس الذين هم في خسران ونقصان، لأن إيمانهم الصادق وعملهم الصالح ... قد حماهم من الخسران ...
قال بعض العلماء:وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على الوعيد الشديد، وذلك لأنه- تعالى- حكم بالخسارة على جميع الناس، الا من كان متصفا بهذه الأشياء الأربعة، وهي:
الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور، وأنه كما يجب على الإنسان أن يأتى من الأعمال ما فيه الخير والنفع، يجب عليه- أيضا- أن يدعو غيره إلى الدين، وينصحه بعمل الخير والبر، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يثبت على ذلك، فلا يحيد عنه، ولا يزحزحه عن الدعوة إليه ما يلاقيه من مشاق ... .
نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من أصحاب هذه الصفات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.