وقوله- عز وجل-:أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً ... اقتراح ثالث من مقترحاتهم الفاسدة.
ولفظ كِسَفاً أى:قطعا جمع كسفة- بكسر الكاف وسكون السين، يقال:كسفت الثوب أى:قطعته وهو حال من السماء، والكاف في قوله:كَما صفة لموصوف محذوف.
والمعنى:أو تسقط أنت علينا السماء إسقاطا مماثلا لما هددتنا به، من أن في قدرة ربك- عز وجل- أن ينزل علينا عذابا متقطعا من السماء.
ولعلهم يعنون بذلك قوله- تعالى-:أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ، أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ ....
وقيل:يعنون بذلك، أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء، فعجل لنا ذلك في الدنيا، وأسقطها علينا، كما حكى عنهم القرآن ذلك في قوله- تعالى- وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ... .
فهم يتعجلون العذاب، والرسول صلى الله عليه وسلم، يرجو لهم من الله- تعالى- الرحمة والهداية وتأخير العذاب عنهم، لعله- سبحانه- أن يخرج من أصلابهم من يخلص له العبادة والطاعة.
وقوله- تعالى- أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا تسجيل لمطلب رابع من مطالبهم القبيحة.
قال الآلوسى:قَبِيلًا أى:مقابلا، كالعشير والمعاشر، وأرادوا- كما جاء عن ابن عباس- عيانا.
وهذا كقولهم:لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا، وفي رواية أخرى عنه وعن الضحاك تفسير القبيل بالكفيل، أى:كفيلا بما تدعيه. يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته.
وهو على الوجهين حال من لفظ الجلالة.. وعن مجاهد:القبيل الجماعة كالقبيلة، فيكون حالا من الملائكة- أى:أو تأتى بالله وبالملائكة قبيلة قبيلة.