وقوله:أَحْصَنَتْ من الإحصان بمعنى المنع، يقال:هذه درع حصينة أى:مانعة صاحبها من الجراحة. ويقال:هذه امرأة حصينة، أى:مانعة نفسها من كل فاحشة بسبب عفتها أو زواجها.
أى:واذكر- أيضا أيها المخاطب خبر مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها، أى:
حفظته ومنعته من النكاح منعا كليا. والتعبير عنها بالموصول لتفخيم شأنها، وتنزيهها عن السوء.
فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا أى:فنفخنا فيها من جهة روحنا، وهو جبريل- عليه السلام- حيث أمرناه بذلك فامتثل أمرنا، فنفخ في جيب درعها، فكان بذلك عيسى ابنها، ويؤيد هذا التفسير قوله- تعالى- في سورة مريم:قالَ
- أى جبريل لمريم- إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا.
أى:لأكون سببا في هبة الغلام لك عن طريق النفخ في درعك فيصل هذا النفخ إلى الفرج فيكون الحمل بعيسى بإذن الله وإرادته.
والمراد بالآية في قوله- سبحانه-:وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ:الأمر الخارق للعادة، الذي لم يسبقه ولم يأت بعده ما يشابهه.
أى:وجعلنا مريم وابنها عيسى آية بينة، ومعجزة واضحة دالة على كمال قدرتنا للناس جميعا، إذ جاءت مريم بعيسى دون أن يمسها بشر، ودون أن تكون بغيا.
قال صاحب الكشاف:«فإن قلت:هلا قيل آيتين كما قال- سبحانه-:وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ؟قلت:لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة. وهي ولادتها إياه من غير فحل»
وبعد هذا الحديث المتنوع عن قصص عدد كبير من الأنبياء في سورة الأنبياء، عقب- سبحانه- على ذلك ببيان أنهم- عليهم السلام- قد جاءوا بعقيدة واحدة، هي إخلاص العبادة لله- تعالى- فقال: