وقوله:تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ بيان لقوة هذه الريح وشدتها..
والنزع:الإزالة للشيء بعنف، حتى يزول عن آخره، وينفصل عما كان متصلا به.
والمراد بالناس:هؤلاء المهلكين من قوم هود- عليه السلام-.
والأعجاز:جمع عجز، وهو مؤخر الشيء وأسفله. وأعجاز النخل:أصولها التي تقوم عليها. والمراد بها هنا:النخل بتمامه ما عدا الفروع.
وقوله:مُنْقَعِرٍ اسم فاعل انقعر، مطاوع قعره أى:بلغ قعره بالحفر، يقال:قعر فلان البئر إذا بلغ قعرها في الحفر، وهو صفة للنخل. أى:أن الريح لشدتها وقوتها، كانت تقتلعهم من أماكنهم، وتلقى بهم بعيدا وهم صرعى، فكأنهم وهم ممددون على الأرض هلكى، أعجاز نخل قد انقلع عن أصوله، وسقط على الأرض ...
قال ابن كثير:وذلك أن الريح كانت تأتى أحدهم، فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار. ثم تنكسه على أم رأسه، فيسقط على الأرض، فتنخلع رأسه فيبقى جثة بلا رأس، ولهذا قال:
كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ .
فالآية الكريمة فيها ما فيها من التفظيع لما أصابهم من هلاك واستئصال.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-:وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى، كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ.