[1] قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾».
لمسة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ هذا خبر يراد به الوعظ والتوبيخ، ومعنى ألهاكم: شغلكم، والتكاثر: المباهاة بكثرة المال والأولاد، وأن يقول هؤلاء: «نحن أكثر»، ويقول هؤلاء: «نحن أكثر»، ولما قرأها النبي ﷺ قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» [مسلم 2958].
لمسة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ لم يذكر المتكاثر به؛ ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون من: التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، وغير ذلك مما يقصد به مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود به الإخلاص لله تعالى.
لمسة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ لم يذكر المتكاثر؛ فكل تكاثر ألهي فهو مذموم.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ كل لحظة نقضيها في المكاثرة بأنفسنا لحظة مهدرة من حياتنا بلا قيمة ولا معنى.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ ومنهم من يلهيه التكاثر بالجاه أو بالعلم فيجمعه تكاثرًا وتفاخرًا، وهذا أسوأ حالًا عند الله ممن يكاثر بالمال والجاه.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ النفس مجبولة على حب الطمع والزيادة في كل أمر، وكلما استجبنا لمطلوبها كلما شغلتنا عن جوهر وجودنا.
لمسة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ ذم التكاثر ولم يذكر المتكاثر عليه؛ ليشمل ويتسع لكل ما يكون المتكاثر عليه.
وقفة
[1] ﴿أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ﴾ فكر: ألهاكم عن ماذا؟ عن العبادة؟ عن الذكر؟ عن الصلاة؟ الأمر يستحق الانتباه وبشدة.
وقفة
[1] ﴿أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ﴾ ومعلوم أن من اشتغل بشيء أعرض عن غيره.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ كل لحظة تشتغل فيها بالحديث عن نفسك والثناء عليها، هي لحظة إلهاء تضيع من حياتك وتهدر من عمرك.
عمل
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون، أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه، أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر: استيقظوا وانظروا.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ الناس اليوم كأفراس رهان علي المناصب والمساكن والسيارات والملابس، لا يكاد أحدنا يلتقط أنفاسه من هذه المنافسات الاجتماعية علي حطام الدنيا.
عمل
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ يوبخ الله المنشغلين؛ فلا يكن عيدُكَ اقتناءٌ لما يلهيك من تكاثرِ ملبس ومأكل.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ التكاثر في كل شيء، عدد المعجبين والرتويت والمتابعين فهو من التكاثر الذي تهواه النفس فيخشى أن يلهيها.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ البشر -مهما تنوعت اهتماماتهم- لا أحد يستثني نفسه من تكاثر يقع منه.
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ في أي فندق أكلت! من أي (ماركة) لبست! كم بلغ عدد متابعي حسابي! على كم تفضيل حصلت! كم شخص أعاد تغريدتي!
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ لا يكن سعيك لكثرة متابعيك في وسائل التواصل، وإنما اسعَ لتقديم ما ينفعهم، فستُسأل ماذا قدمت لهم؟
وقفة
[1] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ طلب الأمور الزائدة والانشغال بها من التكاثر، ومن الأمور التي تلهي عن الله وعن الدار الآخرة.
[1] قال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾، وفي آخرها: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [8]، وفي وسطها: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ [6]، غالب المتكاثرين سيعيشونه نعيمًا دنيويًا، ثم جحيمًا أخرويًا.
وقفة
[1] ثقافة (التكاثر) في عدد المصلين، والمشاهدين، والحاضرين، والحافظين والمشتركين ...، والتي نقلت الكثرة والقلة من كونها (نبضًا) إلى كونها (معيارًا) للنجاح والفشل، وقلبت (المتبوع) إلى (تابع) جاءت: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ لتعرِّى حقيقة هذه (اللهاية) والتي سيتلوها (علم اليقين)، فلقد تكرر لفظ (العلم) و(الرؤية) في التكاثر ست مرات.
وقفة
[1] قال حمزة الكناني: «خَرَّجتُ حديثًا واحدًا عن النبي ﷺ من نحو مئتي طريق؛ فداخلني لذلك من الفرح غير قليل، وأُعجبت بذلك، فرأيت يحيى بن معين في المنام، فقلت: يا أبا زكريا، خرّجتُ حديثًا من مئتي طريق! فسكتَ عني ساعة، ثم قال: أخشى أن تدخل هذه تحت: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾».
وقفة
[1] جعل ابن المبارك ثيابًا خاصة لقيام الليل، فلما حضرته الوفاة أمرهم أن يكفن فيها، وقام ليلة كاملة يردد ويبكي: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾.
عمل
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ الفرق واسع بين مال يحملك إلى المقابر، وبين مال تحمله إلى المقابر، فمهد لنفسك قبل دخول قبرك.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ إذا كان الله يسمي مكوثك الطويل في المقبرة (زيارة)؛ فكيف بأيامك المعدودة في الدنيا؟!
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ القبور ليست دار إقامة أبدية، وإنما هي منازل في الطريق إلى أرض الحساب.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ يا لقصر هذه الحياة! بئس التكاثر إن لم يكن في الاستزادة للآخرة من الصالحات!
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ لا يزال المرء يتمادي في التكاثر والتفاخر حتي يحل الأجل, فيقطع الأمل, ولا ينفع حينئذ إلا حسن العمل.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ أغفل تسمية ما يلهي ليبقى الخطاب عامًا لكل زمن بما يناسبه، وليبقى عظةً لكل فرد فيحذر ما يلهيه، وليكون مقصود الآية شاخصًا وهو الحذر من الغفلة والاستعداد للمصير والغاية.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ أي: شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت، وزرتم المقابر، وصرتم من أهلها.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ مات عطاء بن أبي رباح وهو أرضى أهل الأرض عند الناس، وما كان يشهد مجلسه إلا تسعة أو ثمانية، حماه الله من معيار الجماهيرية الزائفة وعدد المتابعين واللايكات، وكان أثره رحمه الله أعظم وبركة علمه أكبر، مع أن عدد المستمعين لدرسه (٩) أشخاص فقط.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ لا ولد ولا مال ولا صديق؛ أنت وعملك، الطريق الطويل والميزان دقيق ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ﴾ [البقرة: 197].
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ قال قتادة: «كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعدّ من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم».
وقفة
[1، 2] سورة التكاثر: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ قال عمرو بن دينار: «أحلف أن هذه السورة نزلت في التجار».
وقفة
[1، 2] على العبد ألا تشغله الدنيا عن الدين ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾.
[1، 2] عن ميمون بن مهران قال: «كنت جالسًا عند عمر بن عبد العزيز فقرأ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾، فبكى، ثم قال: يا ميمون، ما أرى المقابر إلا زيارة؛ ولابد للزائر أن يرجع إلى منزله في الجنة أو النار».
وقفة
[1، 2] تمضي بنا الحياة بزخرفها ونركض خلف شهواتها وملذاتها وننسى صوتًا نديًا يقول لنا: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾.
وقفة
[1، 2] ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ الزائر كما هو معروف يزور ويرجع، وبهذا نعرف خطأ ما يذكره بعض الناس الآن في الجرائد وغيرها؛ لما يقولوا عن الرجل إذا مات: «إنه انتقل إلى مثواه الأخير».