قوله: ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ) ( يزجي ) ،أي يسوق ،من الإزجاء وهو السّوق .زجّى الشيء تزجية ،دفعه برفق .وأزجى الإبل ،ساقها{[3272]} .
والمعنى: أن الله يسوق السحاب سوقا رفيقا ( ثم يؤلف بينه ) أي يضم بعضه إلى بعض بعد أن كان قزعا{[3273]} أو أجزاء متفرقة .
قوله: ( ثم يجعله ركاما ) الركام ،المتراكم بعضه فوق بعض ،ركم الشيء يركمه ركما أي جمعه وجعل بعضه على بعضه .وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع .
قوله: ( فترى الودق يخرج من خلاله ) ( الودق ) معناه المطر{[3274]} ؛أي ترى المطر يخرج من فتوق السحاب المؤلف المركوم .وفتوقه يعني مخارج القطر فيه .وهذه من جملة الآيات الحكيمة التي تحكي أخبار الطبيعة ،كظاهرة المطر ونحوه من ظواهر هذا الكون مما يقطع في الدلالة على أن هذا الكلام رباني معجز .
قوله: ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) وهذا دليل مضاف إلى أدلة كثيرة على عظمة الله الخالق .و ( السماء ) بمعنى العالي ،من العلو .و ( من جبال ) يعني من قطع عظيمة تشبه الجبال في أحجامها العظام .و ( فيها ) ،في محل نصب على الحال .و ( من برد ) ،( من ) للتبعيض ،وهو مفعول ينزل .وقيل: ( من ) زائدة .أي ينزل من السماء من جبال فيها برد{[3275]} ( فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ) والمراد بضمير يُصيب ،جلال الله عز وعلا ؛فهو سبحانه يصيب بالبرد النازل من السماء من يشاء إصابته من العباد .وهو كذلك يصرف البرد عمن لا يريد إصابتهم به من الناس .وذلك من كمال صنع الله وعظيم تقديره ؛إذ ينزل من السماء المطر والبرد على نحو مقدور وموزون .سواء في ذلك مقاديره المنزلة بأحجامها وكمياتها المعلومة ،أو البقاع والأناسي الذين يصيبهم ما يتنزل من بركان السماء .
قوله: ( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) السّنا ،معناه الضوء ؛أي يكاد ضوء البرق المكون في السحاب يخطف الأبصار من شدة بريقه وسطوعه ،وفرط لمعانه وضوئه .