قوله: ( يقلب الله الليل والنهار ) بعد أن ذكر جملة من الظواهر والحقائق الكونية كتسبيح الأشياء كلها لله ،وخلق الطير الخافقات بأجنحتها الرفافة في السماء ،وحقيقة الملكوت لله الواحد القهار ،وأنه ما من شيء إلا هو صائر على الله بعد الممات والفناء ،وأن الله يدفع بقدرته السحاب لينزل من بين مخارجه المطر وما يتبع ذلك من برق ثاقب ساطع يخطف الأبصار- بعد ذلك كله يبين الله جملة من الدلائل الحسية المشهودة من ثنايا الطبيعة وأجزاء الحياة والكون مما يكشف عن قدرة الله المطلقة وعلمه البالغ ،وأنه الواحد البارئ المقتدر الذي ليس له في ذاته وصفاته وعظيم أفعاله نظير ،فقال سبحانه: ( يقلب الله الليل والنهار ) وقد جاء في تأويل ذلك عدة أقوال .منها: أن الله جعل الليل والنهار متعاقبين .أي يعقب كل واحد منهما الآخر .ومنها ،أنه يزيد في أحدهما وينقص من الآخر ،كقوله: ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ) .
قوله: ( إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) الإشارة عائدة إلى ما تقدم ذكره من الدلائل والحقائق في الطبيعة والكون ؛فإن ذلك كله لهو موعظة ودلالة لأولي العقول النيرة السليمة الذين يبصرون البينات الواضحات ،والبراهين القاطعة المستفيضة ليبادروا التصديق والادّكار والطاعة{[3276]} .