قوله تعالى:{والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ( 45 ) لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ( 46 )} المراد بالدابة كل ما دبّ على الأرض من الحيوان .دبّ يدبّ فهو داب والهاء للمبالغة .فكل ماش على الأرض دابة{[3277]} .
والمراد بالماء ،النطفة من المني ،تنزيلا للغالب منزلة الكل ؛لأن في الحيوانات ما يتولد من غير نطفة .ويخرج عن هذا العموم ملائكة الرحمان ؛فهم مخلوقون من نور .وكذا الجان فقد خلقوا من نار .والمعنى: أن الله خلق كل دابة من نوع من الماء مختص بتلك الدابة أو خلقها من ماء مخصوص وهو النطفة .ثم فصل الله سبحانه أحوال كل دابة من هذه الدواب المخلوقة من النطفة ليبين أن منها ( من يمشي على بطنه ) وهي الهوام كالحيات والحيتان والديدان ونحو ذلك ( ومنهم من يمشي على رجلين ) وذلكم الإنسان يمشي قائما على رجليه .وكذا الطير ( ومنهم من يمشي على أربع ) وهي سائر الحيوانات العجماوات التي لا تعي ولا تنطق .
وثمة صنف من البهائم يمشي على أكثر من أربع لم يذكر في الآية لقلته ،وذلك كالسرطان والعناكب .
قوله: ( يخلق الله ما يشاء ) ما من شيء إلا هو مخلوق من مخلوقات الله ؛فهو سبحانه قد خلق ما ذكره هنا وما لم يذكره من بقية الخلائق كالجمادات على اختلاف أجناسها وصورها ومنافعها .
قوله: ( إن الله على كل شيء قدير ) لا يعز على الله أن يخلق شيئا ؛فهو سبحانه القادر على خلق ما يشاء ،ولا يتعذر عليه فعل ما يريد .