قوله تعالى:{وإذا تتلى عليهم آيتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جآءهم هذا سحر مبين 7 أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم 8 قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين} .
يبين الله حال الكافرين من الحيرة والتردد والمكابرة لما غشي القرآن قلوبهم وأذهانهم بروعة نظمه الباهر ،وكمال مضمونه العجيب فبادروا بالإنكار والتكذيب إذ رموه بالسحر .وذلك لفرط اندهاشهم وإعجابهم في قرارة نفوسهم ولشدة ما أحدثه القرآن في وجدانهم وخيالهم من شديد الهزة والذهول .وذلك قوله سبحانه:{وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جآءهم هذا سحر مبين} يعني إذا تليت آيات القرآن واضحات نيرات على هؤلاء المشركين المعاندين قالوا{للحق لما جآءهم} أي قالوا للقرآن لما أنزل إليهم - وهوالحق من ربهم-:{هذا سحر مبين} قالوا: إن القرآن سحر يأخذ بقلوب الذين يسمعونه فهو يفعل في الناس فعل السحر وهو مبين ،أي يتبين لمن يتأمله أنه سحر .وذلك افتراء مستهجن يتقوّله المشركون المعاندون الذين ضاقت بهم سبل التحيّل والاتهام لكتاب الله الحكيم فلم يجدوا غير سبيل السحر حجة يتشبثون بها .لا جرم أن هذا إيذان واضح منهم بأن القرآن عجيب ومميز وفذ .وهم موقنون في قلوبهم بأن القرآن لا يعارض ولا يضاهي فهو ليس له نظير في النظم أو الكليم .