قوله تعالى:{ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم 20 طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم 21 فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} .
يبين الله جل جلاله ههنا حال المؤمنين الصادقين الذين يتمنون نزول آية من عند الله تأمرهم بالجهاد طلبا لرضى الله وثوابه ورغبة في دفع الظلم والظالمين .وذلك بخلاف المرتابين والخائرين المنافقين فإنهم إذا أنزلت آية في القتال غشيهم من الرعب والجزع ما غشيهم .وذلك لفرط جبنهم وخورهم وفساد قلوبهم .وهو قوله سبحانه{ويقول الذين آمنوا نزلت سورة} أي يقول المؤمنون المخلصون: هلا نزّلت من عند الله سورة تأمر بقتال الكافرين ،وذلك بسبب عشقهم نزول القرآن ولعظيم حبهم للجهاد في سبيل الله .وذلك كله يكشف عن حقيقة الإخلاص في نفوس هؤلاء المؤمنين الصادقين المخبتين إلى ربهم .
قوله:{فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال} إذا أنزل الله سورة محكمة لا نسخ فيها ،أو مبيّنة غير متشابهة وقد فرض فيها الجهاد وقتال المشركين{رأيت الذين في قلوبهم مرض} أي رأيت المرتابين من الناس الذين ران على قلوبهم الشك والنفاق{ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} يعني تشخص أبصارهم من فرط الهلع والجزع ،فهم ينظرون إليك نظر من يشخص بصره عند الموت{فأولى لهم} وذلك تهديد لهؤلاء الجبناء الخائرين الذين في قلوبهم مرض ،أو الذين يعبدون الله على حرف .و المعنى: فويل لهم .