قوله تعالى:{وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه 25 ولم أدر ما حسابيه 26 ياليتها كانت القاضية 27 ما أغنى عني ماليه 28 هّلك عني سلطانيه 29 خذوه فغلّوه 30 ثم الجحيم صلّوه 31 ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه 32 إنه كان لا يؤمن بالله العظيم 33 ولا يحضّ على طعام المسكين 34 فليس له اليوم هاهنا حميم 35 ولا طعام إلا من غسلين 36 لا يأكله إلا الخاطئون} .
ذلك إخبار ثان مقابل للإخبار السابق ،إذ يبين الله ههنا حال الظالمين الخاسرين ،من أهل الشقوة والتّعس ،الذين خسروا أنفسهم فباءوا بالويل وسوء المصير .وأولئك يؤتون صحائف أعمالهم بشمائلهم فيعلمون أنهم هالكون .وحينئذ تغشى قلوبهم ووجوههم غاشية من الفزع واليأس والسواد والقتر وغير ذلك من معالم الهوان والخسران الذي تكشف عنه هذه الآيات المثيرة بروعة نظمها الباهر ،وحلاوة أجراسها الطنانة العجاب ذات الإيقاع المثير ،والرنين المهيّج القارع ،الذي يصخ الأسماع صخا .ويأتي في مقدمة ذلك كله ،هاء السّكت عقب كل كلمة من أواخر هذه الآيات .وهذا الحرف في مثل هذا الموضع من الكلمة عقب كل آية لا جرم أنه مثير للحس بالغ الإثارة ،مستنفر للوجدان أيما استنفار .وذلك قوله:{وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه} من أعطي حينئذ كتاب أعماله بشماله فإنه يغشاه من الندم والحسرة ما يغشاه ثم ينادي قائلا{ياليتني لم أوت كتابيه 25 ولم أدر ما حسابيه} .