{قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يا إبراهيم} كيف تتجرأ على الانفصال عن خط أبيك فتتركه ،وتترك مقدساته ،وترغب عن آلهته ؟وما هذا اللغو الذي تتحدث به ،وكيف تجرؤ على أن تتخذ لنفسك صفة الواعظ المرشد الموجّه لأبيك ؟متى كان الصغار يعلّمون الكبار ،أو يناقشونهم في أقوالهم أو أفعالهم ؟هل تريد أن أناقشك في كلامك ،أو أستمع إليك ؟أصحيح أنك تفكر بهذه الطريقة ؟ردّي الوحيد عليك هو أنك{لَئِن لَّمْ تَنتَهِ} عن هذا السلوك ،وعن هذا الكلام{لأَرْجُمَنَّكَ} وهذا يعني تهديده بالقتل رمياً بالحجارة ،{وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً} وابتعد عني وقتاً طويلاً فلا أراك ولا تراني ،لأني بريء منك ،براءتي من عقيدتك وسلوكك .
وهكذا رأينا أن أبا إبراهيم لجأ إلى أسلوب الكافرين التقليدي نفسه الذي لا يجد الكافر فيه ما يقوله دفاعاً عن موقفه ،لأن عقيدته لا تنطلق من موقع فكر وقناعة ،فيلجأ عندئذ إلى التهديد والوعيد ،ليغطي بذلك ضعفه أمام الكلمة الواعية المسؤولة .