{يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} في هذه الآية تكررت{أن} ثلاث مرات: أي يمنون عليك يا محمد بإسلامهم ،وحذف الجملة مع ( أن ) ،مطرد كما قال ابن مالك - رحمه الله - في الألفية .{يمنون عليك أن أسلموا} أي: بأن أسلموا أي بإسلامهم ،ويعني بذلك قوماً أسلموا بدون قتال فجعلوا يمنون على الرسول - عليه الصلاة والسلام - يذكرون له الفضائل ويقولون: نحن آمنا بك من دون قتال ،مع أن المصلحة لهم ،ولهذا قال الله تعالى:{بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} ،وقوله:{بل الله يمن عليكم} هذا إضراب لإبطال ما سبق ،أي ليس لكم منة على الرسول - عليه الصلاة والسلام - بإسلامكم ،بل المنة لله - عز وجل - عليكم أن هداكم للإيمان ،ولا شك أن هذا أعظم منة أن يمن الله على العبد بالهداية إلى الإيمان ،مع أن الله أضل كثيراً من الأمة عنه ،وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين كلهم في النار وواحداً من الجنة،فمن وفق بأن واحداً في الجنة فإن هذه منة عظيمة ،ولهذا كان الأنصار رضي الله عنهم حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين كلما ذكر إليهم شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن ،قال: «ألم أجدكم في ضلال فهداكم الله بي » ،قالوا: الله ورسوله أمن ،قال: «ألم أجدكم متفرقين فجمعكم الله بي ؟» قالوا: الله ورسوله أمن،كلما ذكر شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن ،فالمنة لله على كل من هداه الله بنعمه ،فالمنة لله - عز وجل - عليه وقوله:{إن كنتم صادقين} أي إن كنتم من ذوي الصدق القائلين بالصدق ،فإن المنة لله عليكم{بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} .