{كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخون لوط وأصحاب الأَيكة وقوم تبع} ذكر الله هؤلاء المكذبين لفائدتين:
الفائدة الأولى: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ليس أول رسول كُذِّب ،بل قد كُذِّبت الرسل من قبل ،كما قال الله تعالى:{ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} .قيل: إنه شاعر ،قيل: إنه مجنون ،قيل: إنه كاهن .وقد قال الله تعالى:{كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} ،هذه فائدة لذكر قصص الأمم السابقة ،وهي تسلية النبي صلى الله عليه وسلم؛لأن الإنسان إذا رأى غيره قد أصيب بمثل مصيبته يتسلى بلا شك ،وتهون عليه المصيبة .
الفائدة الثانية: التحذير لمكذبي الرسول صلى الله عليه وسلم ،ولهذا قال في آخر ما ذكر{كل كذب الرسل فحق وعيد} فحق عليهم وعيد الله بالعذاب ،وقد قال عز وجل:{فكلا أخذنا بذنبه} يعني كل واحد من هذه الأمم جوزي بمثل ذنبه فعوقب بمثل ذنبه ،{كذبت قبلهم قوم نوح} ،وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ،يعني تسعمائة وخمسين سنة ،وهو يدعوهم إلى الله - عز وجل - ولكن لم يستفيدوا من ذلك شيئاً ،كلما دعاهم ليغفر لهم{جعلوا أصابعهم في ءاذانهم واستغشوا ثيابهم} تغطوا{وأصروا واستكبروا استكباراً} .وبقي فيهم هذه المدة ،وقد قال الله تعالى في النهاية:{ومآ آمن معه إلا قليل} .{وأصحاب الرس} قوم جاءهم نبيهم ولكنهم قتلوه بالرس ،وهو البئر ،أي حفروا بئراً ودفنوه ،هذا قول ،والقول الثاني: أصحاب الرس ، أي أنهم قومٌ حول ماءٍ وليسوا بالكثرة الكافية ،ومع هذا كذبوا رسولهم{وثمود} وهم قوم صالح في بلاد الحجر المعروفة ،كذبوا صالحاً وقالوا:{ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين} .وهذا تحدٌّ ،فأرسل الله عليهم صيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين