{ونزلنا من السماء ماءً مبركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد} .يقول - جل وعلا -:{ونزلنا} ،لأن المطر ينزل شيئاً فشيئاً ،وربما يعبر عنه بأنزل لأنه تجيء به الأودية والشعاب ،وقوله:{من السماء} أي من العلو ،لأن هذا المطر ينزل من السحاب وليس من السماء التي هي السقف المحفوظ ،بدليل قوله تعالى:{والسحاب المسخر بين السماء والأَرض} ،إذن هو ينزل من العلو ،والحكمة في إنزاله من العلو ليشمل قمم الجبال ومراتع الإبل ، والسهل والأودية ،لأنه لو جاء يمشي سيحاً من الأرض ما وصل إلى قمم الجبال ،ولكن الله - عز وجل - جعله من فوق ،وقوله:{ماءً مبركاً} من بركته أنه يُنبت به{جنات وحب الحصيد} ،الجنات هي البساتين الكثيرة الأشجار ،وسميت البساتين الكثيرة الأشجار جنات ،لأنها تُجن أي تستر ما تحتها ،وكل بستان ذو شجر ملتف بعضه إلى بعض يسمى جنة ،وأما قوله:{وحب الحصيد} يعني به الزروع التي تحصد ،فذكر الله هنا الأشجار والزروع ،فمن الأشجار تجد الثمار ،ومن الزروع تحصد الحبوب ،