{فروح وريحان وجنت نعيم} اختلف المفسرون - رحمهم الله - في قوله:{فروح} ،فقيل: فراحة ،لأن المؤمن وإن كان يكره الموت لكنه يستريح به ،لأنه يبشر عند النزع بروح وريحان ،ورب غير غضبان ،فيسر ويبتهج ولا يكره الموت حينئذ بل يحب لقاء الله - عز وجل - ،وهذا لا شك راحة له من نكد الدنيا ونصبها وهمومها ،وقيل: الروح بمعنى الرحمة ،كما قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام حين قال لبنيه:{يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايييسوا من روح الله} أي: من رحمته ،وهذا المعنى أعم من الأول ،لأن الرحمة أعم من أن تكون راحة ،أو راحة مع حصول المقصود ،وإذا كان المعنى أعم كان حمل الآية عليه أولى ،إذن{فروح} أي: رحمة ،ومن الرحمة الراحة{وريحان} قيل: المراد بالريحان كل ما يسر النفس ،وليس خاصًّا بالريحان ذي الرائحة الطيبة ،بل كل ما فيه راحة النفس ولذتها من مأكول ،ومشروب ،وملبوس ،ومنكوح ومشموم ،فهو شامل ،وقيل: المراد بالريحان الرائحة الطيبة كالريحان المعروف ،والأول: أشمل .فتحمل الآية عليه{وجنت نعيم} أي: جنة ينعم بها ،وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه - جعلنا الله منهم - ينعم الإنسان فيها ببدنه وقلبه ،فهو لا يتعب ولا ينصب ،ولا يمرض ولا يحزن ،ولا يهتم ولا يغتم ،بل هو في نعيم دائم ،والدنيا فيها نعيم لكنه نعيم منغص على حد قول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر
وهكذا الدنيا إذا سرَّت يوماً فاستعد للإساءة من غد ،وإذا أساءت يوم فقد تنعم في الثاني ،أو لا تنعم ،أما الجنة في الآخرة فهي دار نعيم في القلب ونعيم في البدن