ثم قال تعالى:{بل تؤثرون الحياة الدنيا .والاخرة خير وأبقى}{بل} هنا للإضراب الانتقالي ،لأن{بل} تأتي للإضراب الإبطالي ،وتأي للإضراب الانتقالي ،أي أنه سبحانه وتعالى انتقل ليبين حال الإنسان أنه مؤثر للحياة الدنيا لأنها عاجلة ،والإنسان خلق من عجل ،ويحب ما فيه العجلة ،فتجده يؤثر الحياة الدنيا ،وهي في الحقيقة على وصفها دنيا ،دنيا زمناً ،ودنيا وصفاً ،أما كونها دنيا زمناً فلأنها سابقة على الاخرة فهي متقدمة عليها ،والدنو بمعنى القرب .وأما كونها دنيا ناقصة فكذلك هو الواقع فإن الدنيا مهما طالت بالإنسان فإن أمدها الفناء ،ومنتهاها الفناء ،ومهما ازدهرت للإنسان فإن عاقبتها الذبول ،ولهذا لا يكاد يمر بك يوم في سرور إلا وعقبه حزن ،وفي هذا يقول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر
تأمل حالك في الدنيا تجد أنه لا يمر بك وقت ويكون الصفو فيه دائماً بل لابد من كدر ،ولا يكون السرور دائماً بل لابد من حزن ،ولا تكون راحة دائماً بل لابد من تعب ،فالدنيا على اسمها دنيا .