قال تعالى:
{فيومئذ لا يعذِّب عذابه أحد ،ولا يُوثَق وثاقه أحد} فيها قراءتان: الأولى{لا يعذِّب عذابه أحد ولا يوثِقُ وَثاقه أحد} أي لا يعذب عذاب الله أحد ،بل عذاب الله أشد ، ولا يوثق وثاق الله أحد ،بل هو أشد .القراءة الثانية:{لا يعذَّب عذابه أحد ولا يُوثَق وثاقه أحد} يعني في هذا اليوم لا أحد يعذب عذاب هذا الرجل ،ولا أحد يوثق وثاقه ،ومعلوم أن هذا الكافر لا يعذب أحد عذابه في ذلك اليوم ،لأنه يُلقى على أهل النار في الموقف العطش الشديد ،فينظرون إلى النار كأنها السراب ،والسراب هو ما يشاهده الإنسان في أيام الصيف في شدة الحر من البقاع حتى يخيل إليه أنه الماء ،ينظرون إلى النار كأنها سراب وهم عطاش ،فيتهافتون عليها يذهبون إليها سراعاً يريدون أي شيء ؟يريدون الشرب ،فإذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها:{ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا} [ الزمر: 71] .قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل أن يدخلوا النار ،والتوبيخ عذاب قلبي وألم نفسي قبل أن يذوقوا ألم النار ،وفي النار يوبخهم الجبار عز وجل توبيخاً أعظم من هذا .ويقولون{ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين .ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} قال الله تعالى وهو أرحم الراحمين:{اخسئوا فيها ولا تكلمون} [ المؤمنون: 106108] .أبلغ من هذا الإذلال{اخسئوا فيها ولا تكلمون} يقوله أرحم الراحمين ،فمن يرحمهم بعد الرحمن ؟!لا راحم لهم ،وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن أهون أهل النار عذاباً من عليه نعلان يغلي منهما دماغه ،ولا يرى أن أحداً أشد منه عذاباً يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً ،وعليه نعلان يغلي منهما الدماغ ،النعلان في أسفل البدن والدماغ في أعلاه ،فإذا كان أعلى البدن يغلي من أسفله ،فالوسط من باب أشدأجارنا الله وإياكم من النار{فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد} لأنهموالعياذ باللهيوثقون{ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه} [ الحاقة: 32] .أدخلوه في هذه السلسلة تغل أيديهمنسأل الله العافيةولا أحد يتصور الان ما هم فيه من البؤس والشقاء والعذاب .إذن على الإنسان أن يستعد قبل أن{يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد} .