قطنا: قسطنا ونصيبنا .
أما الآية الأخيرة فقد حكت قولا ساخراً من أقوالهم ،فيه استخفاف وتحدّ ،جوابا على ما ينذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من العذاب ،فطلبوا من الله أن يعجل بعذابهم في الدنيا قبل الآخرة ،وهذه صورة جديدة من مواقفهم تكررت منهم وتكررت حكايتها عنهم في القرآن كما جاء في آية سورة الرعد هذه:{ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب6} وفي آية سورة الحج هذه{ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدّون47} .
ومع هذا التأويل للآية الذي قال به غير واحد من المفسرين ،فهناك من أولّها: بأنها حكاية لطلبهم جميع حظوظهم وما يبشرون به من الجنة الأخروية في الدنيا وحسب بأسلوب السخرية والتحدي ،من حيث إنهم يجحدون الحياة الأخروية .ولا يخلو هذا التأويل من وجاهة أيضا .
والأقوام المذكورون في الآيات قد ذكروا في السور السابقة ذكرا عابرا حينا وبشيء من البيان حينا ،والأسلوب هنا كما هو في السابق أسلوب إنذار وتذكير ،وهو الهدف الجوهري في القصص القرآنية على ما قررناه في المناسبات السابقة ،التي ذكرنا فيها ما اقتضاه المقام من تعريف وبيان .وليس في ما جاء عنهم هنا ما يتحمل تعليقا جديدا .