{كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون( 46 ) ويل يومئذ للمكذبين( 47 ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون( 48 ) ويل يومئذ للمكذبين( 49 ) فبأي حديث بعده يؤمنون( 50 )} [ 46-50] .
والاتصال مستمر كذلك بين هذين المقطعين وما قبلهما ،وفي المقطع الأول التفات خطابي للمجرمين المكذبين احتوى إنذارا لهم وتنديدا باستكبارهم عن الركوع لله ،أما الآية الأخيرة فقد جاءت خاتمة قوية للسورة تضمنت تنديدا وتقريعا للكفار على عنادهم وعدم تأثرهم بما يتلى عليهم من قرآن الله ونذره مع ما فيها من الحجة الدامغة والموعظة البالغة ،وقد جاءت بأسلوب الاستنكار القوي ،فبأي شيء يؤمنون إذا لم يقنعهم هذا ويؤمنوا به .
وقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآية [ 48] مدنية وذكرت بعض الروايات{[2381]} أنها نزلت في مناسبة استثقال وفد ثقيف الذي جاء لمفاوضة النبي عليه السلام بعد فتح مكة لحركة الركوع وطلبهم إعفاءهم منه ،وانسجام الآية مع سائر الآيات وزنا وموضوعا يسوغ الشك في الرواية ،ومن الطريف أنه بينما يعزى لابن عباس رواية نزولها في مناسبة مفاوضة ثقيف يعزى إليه قول آخر{[2382]} وهو أن هذا سوف يقال لهم يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون .
والمتبادر أن الركوع هنا تعبير عن الصلاة لله وحده ،وهذا ما كان يطلب من الناس عامة منذ بدء الدعوة .