ولقد أقام العدل في أقوام الغرب ، وأقام ما شاء أن يقيم لتثبيت العدل ودعم أركانه ، بعد إقامة بنيانه ثم اتجه المصلح العادل من ذلك إلى الشرق ، ولذا قال تعالى:
{ ثم أتبع سببا 89} .
{ ثم}هنا في موضعها ، لأنها تدل على التراخي إذ إنه حكم أمدا ليس بقصير في المغرب ، وإنه أدنى منه مقاما فإن تثبيت دعائم العدل في النفوس يحتاج إلى زمن ليستقر ويبقى ، ويصبح عادة طيبة في الأقوام ، و{ أتبع} ، أي أردف إلى الأسباب التي مكنه الله تعالى بها سببا آخر ، وهو الذهاب إلى مشرق الأرض ، وهكذا أضاف سبحانه إلى تمكينه في الغرب تمكينه في الشرق ، فسار متجها إليه ، ولقد كان ما يستقبله في المغرب أصعب علاجا ، وأقوى مراسا ، لأن عمله يتكون من أمور ثلاثة:
الأمر الأول:إقامة العدل .
والأمر الثاني:دفع الفساد
والأمر الثالث:حماية البلاد من المغيرين عليها .