هذا هو جزاء المسيء في قانون العدل الذي ذو القرنين لنفسه ، لا يفلت المسيء ، وكذلك لا ينقص المحسن من جزاء حسن ، ولذا قال:{ وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} الحسنى من جزاء حسن ، ولذا قال:{ وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} الحسنى مبتدأ خبره الجار والمجرور ، أي فالحسنى له جزاء ، ف{ جزاء} تمييز محول عن الخبر ، وكان التمييز متضمنا البيان بعد الإبهام أو الإجمال ، وفي ذلك فضل بيان وبلاغة ، وقال:{ فله} ( اللام ) للاختصاص ، وكان من كرم الله أن جعله حقا للمحسن وليس عطاء يعطى أعطية ، وكان ذلك منا وفضلا .
وإن هذا الجزاء الذي هو الحسنى في أعلى درجات الجنة ، لأنه مؤنث أحسن ، لمن قامت به حالان:
الحال الأولى:إيمان صادق تتطهر فيه النفس والعقل والقلب من شرك الجاهلية وأوهامه .
والحال الثانية:عمل صالح يزكى النفس ، وينفع الجمع ، ويكون فيه خير للناس .
وذكر جزاء ثانيا فوق الحسنى ، وهي نعم الجزاء ، وهو ما جاء في قوله:{ وسنقول له من أمرنا يسرا} القول اليسر هو هذا القول الذي ييسر الأمور ويسهلها ، وذلك بأن يقربه إليه ، ويسهل له أسباب الوصول والتمكين والحكم ، والقول المشجع على الخير من ملك عادل يدنى المصلح الصالح ، ويبعد المفسد الفاسد .