بعد هذا التردد في النفس الصافية المهدية بهدي الله انتهى إلى القرار العدل الذي تهتدي إليه كل نفس برة تقية ، وقد ذكره تعالى بقوله سبحانه:
{ قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا 87 وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا 88} .
هذا قانون العدل وهو أن يجازي المسيء على إساءته ، والمحسن بإحسانه ، هذا ما استقر عليه أمره واعتزمه ، ولذا قال معتزما تنفيذه:{ أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا} ، أي عذابا شديدا بالغا أقصى أحوال الشدة حتى ينزل بهم ولم يتوقعوه وينكروه لغرابته عليهم ، فالنكر هو الأمر المستنكر مما وقع عليه ، وقد أكد في القول وقوعه في المستقبل ب( سوف ) الدالة على توكيد وقوع الفعل في المستقبل .
والظلم يقع على كل المنكرات ، لأن الظلم يكون بنقص الحقوق ، والتفريط فيها ، ويكون بمجاوزة حد المعقول ، فيقع على الشرك ، وإن الشرك لظلم عظيم ويقع على كل المنهيات من المعاصي كالقتل وشرب الخمر والزنى ، ورمي المحصنات ، والعذاب النكر يكون بالجزاء الذي يملكه ملك عادل جزاء دنيوي .