وقد ذكر سبحانه وتعالى كمال البيان في أسرته الموحدة ، فقال تعالى:
{ ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا 50} .
الضمير في{ لهم} يعود إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، ولم يذكر الموهوب إعلاء لشأنه ولفخامته ، وحسبه أنه هبة الله ، وأنه من رحمته سبحانه ، فكان العقل يذهب في تقديره أعلى المذاهب التي تليق بهبة الله ورحمته ، فهي تشمل النبوة ، وتشمل الأموال ، وتشمل الجاه والسلطان ، وتشمل العزة والكرامة ، والعلو في الأرض ووراثتها ، والإمامة فيها وكل ذلك كان في ذرية إبراهيم ، وفي إسحاق ويعقوب والأسباط .
النعمة الثانية التي أنعمها على إبراهيم وذريته هي قوله تعالى ،{ وجعلنا لهم} ، أي لإبراهيم وذريته{ لسان صدق عليا} ،{ لسان صدق} من إضافة الاسم إلى وصفه ، أي لسانا صادقا عليا ، رافعا لهم ، وليس خافضا لمآثرهم ، والمراد الكلام الطيب والذكر الطيب ، من قبيل إطلاق الآلة على ما يكون ، فأطلق اللسان وأريد الكلام ، وهذا استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام إذا قال في دعائه عليه السلام{ واجعل لي لسان صدق في الآخرين 84}( الشعراء ) . وقد آتى الله إبراهيم ذلك فقال تعالى:{. . .وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين . . . 87} ( الحج ) ، وقال تعالى:{ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين 123} ( النحل ) .