{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا 54 وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا 55} .
وقد أفرد القرآن إسماعيل بالذكر ، لأنه كان يقيم بالبلاد العربية ، وأقام هو وأمه حول الكعبة ، لسدانتها وحراستها ، وإفراده بالذكر تشريف له وإكرام ، فإذا كان أخوه إسحاق عليه السلام أبا أنبياء بني إسرائيل الذين قاموا بتنفيذ التوراة وتفسيرها ، فإن من ذرية إسماعيل عليه السلام خاتم النبيين الذي جاء بالكتاب المهيمن على كل الكتب المنزلة ، والذي فيه كل الأنبياء ومعجزاتهم .
والكتاب كما ذكر هو القرآن وهو أكمل الكتب كما نوهنا ، ولأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فالكتاب الذي نزل عليه وهو القرآن ، وقد ذكرنا وجوه كماله ، وأنه سجل الأنبياء وشرائعهم الباقية ومعجزاتهم ، ولا ترى لها مصدرا متواترا صادقا سواه ، كما ذكرنا .
وقد وصفه الله تعالى بأربعة أوصاف تدل على الكمال الإنساني الذي لا يعلو عليه كمال .
الوصف الأول:أنه كان{ صادق الوعد} ، أي إذا وعد لا يخيس ، ولا يكذب بل ينفذه ، وكل الأنبياء كذلك ولكن وصف الله به إسماعيل ، لأنه كان أخص أوصافه واشتهر به ، فإن إبراهيم أباه عندما رأى الرؤيا يذبح إسماعيل لم يجبن إسماعيل بل قال:{ ستجدني إن شاء الله من الصابرين 102} ( الصافات ) ، وصدق وعده ، فاستعد لأن يذبح ، وقال الله تعالى:{. . .يا إبراهيم 104 قد صدقت الرؤيا . . . 105} ( الصافات ) ، فهو الذبيح الأول ، وصدق الوعد والوفاء به والرضا بتنفيذ وعدم الحيف فيه ، وقد كان إسماعيل كذلك فيما وعد وأوفى .
الوصف الثاني:أنه كان{ رسولا نبيا} ، كما قال تعالى:{ وكان رسولا نبيا} فقد جاء بشرائع ومنحه الله تعالى النبوة فقد كان ينزل عليه الوحي ، ويكلمه الله تعالى بإحدى طرق الكلام ، كما قال تعالى:{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا . . . 51}( الشورى ) ، وقد يقال:إن شريعته كانت شريعة أبيه إبراهيم ، ونقول إنه أرسل بها ، ولا مانع من أن يخاطب بالشريعة الواحدة رسولان ، وقد ذكر الله تعالى أن إبراهيم كان رسولا وإسماعيل كان رسولا نبيا .