ووضح سبحانه وتعالى:{ لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} العوج:التعوج . والأمْتُ:التلال الصغيرة ، أي تصير الأرض بعد نسف جبالها مستوية لا انخفاض فيها ولا ارتفاع ، ويفسر ابن عباس العوج بالميل ، والأمت الأثر ، وروي عنه أنه قال العوج الوادي والأمت الرابية ، وكلها معان متقاربة ، وتنتهي جميعها إلى أن الأرض تصير مستوية على نسق واحد ، لا تعرف فيها واديا ولا رابية ، ولا جبلا ولا تلا ، فكل ما كان من فروق تفرق بين أجزائها تزول وتبقى شيئا واحدا ، وذلك تمهيد لزوال كل الفروق الذي تكون بين الأشخاص إلا أن يكون عملا صالحا ، فإنه يعلي صاحبه ، أو عملا سيئا فإنه يحطه ويرديه .
ويجب أن ننبه هنا إلى أمر ذكره الزمخشري فإنه قرر أن "العِوَج"بكسر العين يكون في المعنويات أو ما لا يعرف إلا بالنظر والمقايسات ، و"العَوج"بفتح العين ما يكون في الحسيات ، ولكنه عبر هنا بما يدل على المعنويات ، وذلك ليكون النفي شاملا لكل ما يكون علوا ، ولو كان العلو لا يعرف بالنظر المجرد ، بل يعرف بالقياس وميزان الماء ، فهذا العوج وإن كان في الحسيات لم يعرف بالمقاييس والموازين العقلية .