أتى إلى الموعد ، وموسى كليم الله تعالى قد أتى ، وقد ابتدأ كليم الله – عليه السلام – بإرهابهم بقوة الله تعالى ، لأنهم مقهورون بقوة فرعون وطاغوته وجبروته ، فذكر أن قوة الله أعظم ، وسلطانه أكبر فقال .
{ قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61} اتجه إليهم ببيان قدرة الله تعالى ، وأنها تستأصل ، ليزيل برهبة الله تعالى القادر - رهبة فرعون الذي لا يملك من أمره شيئا وإنما قوته تخيل ووهم ، وهو في ذاته ضعيف كغيره من الناس .
ومعنى قوله تعالى عن موسى:{ لا تفتروا على الله كذبا} معناه:لا تقطعوا كذبا ولا تقولوه في مقام الحق ، وصدر النهي بقوله:{ ويلكم} أي الهلاك النازل بكم إن غيرتم الحق وبدلتموه وآثرتم الباطل عليه مرضاة لفرعون وقومه ممالئين في الحق وتقولون الباطل ، ثم أكد وقوع الهلاك عليهم فقال الله عن موسى:{ فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى} الإسحات:الاستئصال ، وألا تبقى منهم ( باقية ) ، ومع هذا الاستئصال الخيبة ، لأن الافتراء أشد الخيبة وأفحشها ولا يلجأ إليه إلا الخائبون في ذات أنفسهم ، يعني أنكم إن كذبتم وافتريتم فإن الهلاك نازل بكم إلا محالة ، ولا تكونون قد نجحتم في هذا السباق الذي يكون فيه الاتجاه إلى طلب الحق .